الــزي التقليـــدي لمدنيـــة زوارة ...
ملابس مرآة تعكس الشعوب وله أهمية لكافة شعوب العالم , وتتدخل العادات والتقاليد والطقس ، في تشكيل نمط الملابس في كل المجتمعات المتحضرة منها أو البدائية على السواء ، وتتنوع الملابس في ظاهرها ،غير أنها لا تحيد في المضمون عن النسق التقليدي والتراثي والجغرافي والديني ، بحيث نجد اغلب السكان يلبسون ما تعارف عليه أجدادهم مند القدم في الشكل والمحتوي العام ، ولا نجد الفوارق إلا في نوع الأقمشة وطريقة التفصيل التي تعتمد على القدرة الاقتصادية والذوق الشخصي . ولمدينة زوارة أعراف في الملابس تتعدد حسب المناسبات والأوقات والأزمنة وما يتبعها من تقاليد وعادات. الفتاة في مدينة زوارة عندما تبلغ الثالثة عشر من عمرها تلبس لباس خاص للرأس يسمى( تاقفايت ) وهو عبارة عن قماش يفصّل بحيث يغطي الرأس مع إدخال الضفائر في جيب ملتصق بغطاء الرأس ، وهذا يعود لكون الشعر عورة ويجب ستره دينيا ، غير أن النساء المتزوجات والكبار في السن يلبسون غطاء احمر صوفي للرأس يسمى ( أشملول ) وبه تطريز بالعرض بينما الصغيرات في السن بعد الزواج يلبسن ( الشملت ) خالي من الزينة والتطريز ، ومن ذلك العمر تبدأ الصبية في تعلم كيفية ارتداء الرداء وهو عبارة عن قطعة قماش بعرض طول الصبية من الكتف حتى كعب القدم وبطول أربعة أمتار للمرأة البالغة ، ويلف على الطريقة الرومانية ( هي طريقة ليبية قديمة ) ، بحيث تلف و يتم إحكام الرداء بواسطة عقدة ( أكروس ) أو تشبيكه بدبوس ملابس فوق الكتف الأيسر، ثم يدار بقية الرداء حول الجسم مرة أخر مغطيا الرأس ويترك الباقي ليصل إلى أعلى القدمين ، ويستغل هذا الجزء الأخير عند المرأة المتزوجة أثناء العمل في البيت على هيئة نطاق تتمنطق بها حول الحزام ، ولا يسمح بعمل النطاق خارج المنزل إلاّ في حالة ارتداء ( الحولي ) فوق الرداء . أما العجائز فمثلهم مثل المرأة الصغيرة السن عدى عن نوع القماش الذي يكون خالي من الزركشة والزينـة المفرطـة ، وكان في القـديم توجد أنواع من الأقمشـة هي السائـدة مثــل ( بليري ) وهو من القمـاش العـادي ولا يزال حتى اليـوم مستعملا على نطاق واسـع و( تمدقلت ) و ( لقطـارش ) و(الكمونيـة) و( الفوظت ) وتلكم جميعهـا يؤتى بها من جزيرة جربـه ، وقد قل الآن استعمال جميع تلك الأصناف ما عدى (تمدقلت ) عند العروس ، و ( الحولي المطرز ) و صوفي أو حريري وهو من صناعة طرابلس هذا عن الأرديـة ، أما الفساتين فكانت على عـدد من الأنواع وأشهرها الفستان ذات ( تحجيلتْ ) وهو عبارة عن قماش عالي الجودة ويستحسن أن يكون ذات لمعة ذهبية أو فضية يفصل به الصدر والأكمام أما الباقي فمن القماش العادي نظرا لأنه غالي الثمن وغير مرئي ومحجوب بالرداء الذي يُلبس فوقـه ، والنوع الثاني ويعرف بـ ( تاكميست) أو ( بالقفطان ) وهو من القماش المتوسط الجودة ، مع ملاحظة أن جميع الفساتين تلك تصل في طولها إلى ما تحت الركبتين.أما القدم فقد حظي باهتمام كبير هو الآخر لدى النساء خصوصا الصغيرات السن، حيث يتفنن في زخرفته بالحنة، ويزين بالخلاخل الفضية وأحيانا بالخلاخل المطلية بالذهب، أما كبيرات السن من النساء فيكتفين بعمل الحناء لأصابع اليد والقدمين وكذلك شعر الرأس. أما فيما يخص الأحذية فلا يوجد سوى نوع واحد من الأحذية وهو ( البلغة ) وهو من الجلد المصبوغ باللون الأصفر ، وتتميز البلغة النسائية بالصغر وانعدام الزركشة ، بينما بلغة الرجال هي أيضا صفراء غير أنها من جلد سميك ، كما يوجد نوع يستعمل في الحياة العادية للنساء يعرف بـ ( بالترليك ) وهو إما من الجلد الحقيقي أو الصناعي ويعتبر متطور عن البلغة كثيراً ، كما يستعمل قديما نوع يعرف بـ ( القبقاب ) عبارة عن قاعدة خشبية وسيور جلدية من أعلى ويستعمل في المنازل ودورات المياه . أما بالنسبة فللرجال فيرتدون الرداء الصوي المميز في كل من زوارة وجبل نفوسة ( الجبل الغربي ) والذي يعتبر من الملابس الليبية الصميمة في عراقته مند العهود السحيقة في التاريخ ، ولجماله وملائمة لطبيعة البلاد وطقسها فقد استعاره كل المستعمرين قديما من الفينيقيين إلى الرومان ، والدليل ما نشاهده في أردية تماثيل قياصرة الرومان ، حيث كان الحولي سائدا من برقة وحتى طنجة في المغرب الأقصى ، ولم يبقى من يستعمله حاليا سوى قلة في الجزائر وتونس وبعض المناطق في ليبيا مثل طرابلس ومنطقة الساحل حتى سرت وجبل نفوسة وزواره و غدامس ، وهو أنواع متعددة الجودة ، وذو ألوان تتدرج من الأبيض الناصع إلى الأبيض المصفر إلى الرمادي الفاتح فالرمادي الداكن إلى البني الفاقع فالبني الغامق إلى الأحمر المسود متدرجا إلى الأسود ، وجميع هذه الأصناف لا تدخل في صناعتها أي مادة صباغة أو تلوين بل تعتمد على ألوان الصوف بدأ من صغار الضان ( الخرفان ) إلى مختلف أعمارها ، غير أنه في الآونة الأخيرة بدأت صناعة النسيج تتطور في محاكاة الحولي بمواد أخرى مثل حولي ( الآنا ) وهي مادة صناعية ، ويتميز بخفته ويعتبر لباس صيفي . للحولي أسماء متعددة للتميز من نوع إلى آخر ، ففيه الحولي الجبالي أو البرغوتي أو النالوتي أو الزواري و الطرابلسي ، وغيرها من الأصناف الأخرى التي تستورد من الشقيقة تونس التي تشتهر بأنواع متوسطة الجودة خصوصا الرجالية منها ، والتسمية للحولي تتدرج على النحو التالي : الحولي هو الأجد ثم الجرد وهو الأقدم ، كما أن الاسم يعطي نوع الحولي من حيث الأطوال ففيه الخموسي وهو الأقصر وتلبسه النساء الكبيرات السن ، والحولي السدوسي فالسبوعي فالثموني فالتسوعي والعشوري وكافة هذه الأسماء عبارة عن طول الحولي بوحدة القياس بالذراع ، فالنساء يحاك لهم حولي يتراوح بين الخمسة والثمانية أذرع بينما الرجال يحاك لهم حولي يتراوح بين الثمانية إلى العشرة أذرع ، وذلك لأن الرجل ( يتلتم ) والمرأة لا و التلتيم يعني إلقاء جزء من طول الحولي بعد لفه حول الجسم على الكتف الأيسر ومنه إلى الظهر ، كما أن الرجل يصنع عقدة فوق الكتف الأيسر والمرأة لا تفعل ذلك بل نجعله تحت إبطها أو تشبكه بدبوس ملابس كبير ويسمى ( أخلال ) . وقد اشتهرت الحوالي الفساطوية نسبة إلى فساطو أو بجادو بجبل نفوسة ولها علامات من تطريز اليد في أطراف الحولي من العرض تميزها عن غيرها من الحوالي مثل البرغوتي والنالوتي والزواري والطرابلسي وغيرها من الأصناف ولكل هذه الأصناف علامة تميزها عبارة عن زخرفة بتطريز ملون ، وجميع تلك الأشكال مقتبسة من علامة ( تانيت ) أو حرف التاء بحروف التيفيناغ الأمازيغية وهو الحرف الدال على اسم الآلهة القديمة ( تانيت ). الرجل يلبس لباس الرأس إما من النوع القماشي طاقية ( اداقيت ) أو الصوفي ( الكبوس ) أو الاثنان معا ، والطاقية تكون من نحت الكبوس لحمايته من التعرق نظرا لخامة الصوف التي لا تتحمل الرطوبة ولغلاء ثمنه ، كما أن الرجل يرتدي الصدرية من القماش أو الملف المطرز ، ويلبس الرجل البدلة البضاء المكونة من سورية وسروال والمتعارف عليه بأنها البذلة العربية ، أما الجوارب والملابس الداخلية فلا وجود لها قديما .